السؤال :
قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرَّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أين يكمن الخير في حديث الإفك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6973
 2015-08-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَكْمُنُ الخَيْرُ في حَدِيثِ الإِفْكِ، من خِلالِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «عَجَبَاً لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرَاً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرَاً لَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ثانياً: يَكْمُنُ الخَيْرُ في حَدِيثِ الإِفْكِ، من خِلالِ تَبْرِئَةِ اللهِ تعالى للسَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها بِآيَاتٍ تُتْلَى في كِتَابِ اللهِ تعالى إلى قِيَامِ السَّاعَةِ، وتُقْرَأُ في الصَّلاةِ وغَيْرِهَا.

تَقُولُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها: وايْمُ اللهِ لأَنَا كُنْتُ أَحْقَرَ في نَفْسِي، وأَصْغَرَ شَأْنَاً من أَنْ يُنْزِلَ اللهُ فِيَّ قُرْآنَاً يُقْرَأُ بِهِ في المَسَاجِدِ، ويُصَلَّى بِهِ، ولَكِنِّي قَد كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ في نَوْمِهِ شَيْئَاً يُكَذِّبُ بِهِ اللهُ عَنِّي، لِمَا يَعْلَمُ من بَرَاءَتِي، أو يُخْبِرُ خَبَرَاً، فَأَمَّا قُرْآنٌ يُنْزَلُ فِيَّ، فَوَاللهِ لَنَفْسِي كَانَتْ أَحْقَرَ عِنْدِي من ذلكَ.

وكَم هوَ الفَارِقُ كَبِيرٌ بَيْنَ تَبْرِئَةِ اللهِ تعالى للسَّيِّدَةِ مَرْيَمَ التي كَانَتْ على لِسَانِ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، وبَيْنَ تَبْرِئَةِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها حَيْثُ بَرَّأَهَا اللهُ تعالى؟

ثالثاً: يَكْمُنُ الخَيْرُ في حَدِيثِ الإِفْكِ، بِإِظْهَارِ كَرَامَةِ اللهِ تعالى للسَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، ولأَبَوَيْهَا ولِصَفْوَانَ بْنِ المُعَطِّلِ وللمُؤْمِنِينَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.

تَقُولُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها: أَنَا التي أَنْزَلَ اللهُ عُذْرِي في كِتَابِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

رابعاً: يَكْمُنُ الخَيْرُ في حَدِيثِ الإِفْكِ، من خِلالِ تَشْدِيدِ الوَعِيدِ على الذي جَاءَ بِهِ، قَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. ورَحِمَ اللهُ تعالى مَن قَالَ: كَفَاكَ نَصْرَاً على عَدُوِّكَ أَنْ يَكُونَ مَصِيرُهُ إلى نَارِ جَهَنَّمَ.

خامساً: يَكْمُنُ الخَيْرُ في حَدِيثِ الإِفْكِ، من خِلالِ عَطْفِ القُلُوبِ على المَظْلُومِ والدُّعَاءِ عَلَيْهِ، واللَّعْنَةِ التي تُصَبُّ على الظَّالِمِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ، وكَانَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها من المَظْلُومِينَ.

سادساً: يَكْمُنُ الخَيْرُ في حَدِيثِ الإِفْكِ، من خِلالِ كَوْنِ دُعَاءِ المَظْلُومِ مُسْتَجَابَاً عِنْدَ اللهِ تعالى، وأَنَّ اللهَ تعالى يَتَوَلَّى الدِّفَاعَ عَنْهُ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾. ولا شَكَّ بِأَنَّ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها من أَوَّلِ المؤْمِنِينَ إِيمَانَاً.

سابعاً: يَكْمُنُ الخَيْرُ في حَدِيثِ الإِفْكِ، من خِلالِ الأَجْرِ العَظِيمِ الذي يَصُبُّهُ اللهُ تعالى على الصَّابِرِينَ، قَالَ تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.

وكَانَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها وأَبُوهَا وأُمُّهَا وصَفْوانُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ من الصَّابِرِينَ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.