طباعة |
54ـ مشكلات وحلول: اطلاع كل من الزوجين على هاتف الآخر | |
سؤال: هل هناك حرج شرعي من الاطلاع على هاتف الزوج الخاص به، حيث جعل له رقماً سرياً، وبإمكاني اختراق هذا الرقم؟ الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول الله تبارك وتعالى: {وَلاَ تَجَسَّسُوا}. ويقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}. وروى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلا تَحَسَّسُوا، وَلا تَجَسَّسُوا، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا). وروى الطبراني عن حَارِثَةَ بن النُّعْمَانِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (ثَلاثٌ لازِمَاتٌ لأُمَّتِي: الطِّيَرَةُ، وَالحَسَدُ، وَسُوءُ الظَّنِّ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يُذْهِبُهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّنْ هُوَ فِيهِ؟ قَالَ: إِذَا حَسَدْتَ فَاسْتَغْفَرِ اللَّهَ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلا تُحَقِّقْ، وَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ). وروى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمانُ إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيِّروهم، ولا تتَّبعوا عوراتِهم، فإنه من تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورته، ومن تتبَّع الله عورته يفضحْه ولو في جوف رحله). ومن سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه ما رخَّص للرجل الأبيض أن يسيء الظنَّ في زوجته عندما أنجبت ولداً أسود، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلامًا أَسْوَدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا، قَالَ: فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟ قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَالَ: وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ). بل نهى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الرجلَ أن يَطْرُقَ أهلَه ليلاً، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ). وبناء على ذلك: فلا يحقُّ للزوجة أن تحتال على هاتف زوجها للاطِّلاع على ما فيه، لأنَّ هذا من التجسُّس المنهيِّ عنه شرعاً، وكما يحرم هذا على الزوجة كذلك يحرم على الزوج، لأنَّ بعض الأزواج يظنُّ بأنَّه بعقد الزواج ملك الزوجة، وصار حُرَّ التصرف فيها كيف شاء. وإذا لاحظ أحد الزوجين على الآخر مخالفةً شرعية، وجب عليه النصح له باللطف وبدون استعلاء، وتذكيره بالآخرة، فإن ضاق كلٌّ منهما بصاحبه ذرعاً فليصبر، فإن عجز عن الصبر وخاف أن لا يُقيم حدودَ الله تعالى فلا حرج من طلب المخالعة الرضائية بينهما، لأنَّ التدخُّل بالأمور الخاصة لا يزيد الأمر إلا شِقاقاً وخلافاً. هذا، والله تعالى أعلم. ** ** ** تاريخ المقال: الخميس: 15/ربيع الثاني/1433 هـ الموافق: 8/آذار /2012م |
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |