طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد وَرَدَ في صَحِيحِ الإمام مسلم عَن أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَهُ: «مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا؟»
قَالَ: قُلْتُ: قَدْ كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ.
قَالَ: «فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟»
قَالَ: قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي ـ مَا انْطَوَى وَتَثَنَّى من لَحْمِ البَطْنِ سُمْنَاً ـ وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ ـ رِقَّةً وهُزَالَاً ـ.
قَالَ: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ».
وروى الإمام الحاكم عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ، فَإِنْ شَرِبْتَهُ تَسْتَشْفِي بِهِ شَفَاكَ اللهُ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ مُسْتَعِيذَاً عَاذَكَ اللهُ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ لِيَقْطَعَ ظَمَأكَ قَطَعَهُ».
ويَقُولُ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عَن مَاءِ زَمْزَمَ: وَقَدْ جَرَّبْتُ أَنَا وَغَيْرِي مِن الِاسْتِشْفَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ أُمُورَاً عَجِيبَةً، وَاسْتَشْفَيْتُ بِهِ مِنْ عِدَّةِ أَمْرَاضٍ، فَبَرَأْتُ بِإِذْنِ اللهِ، وَشَاهَدْتُ مَنْ يَتَغَذَّى بِهِ الْأَيَّامَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَرِيبَاً مِنْ نِصْفِ الشَّهْرِ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يَجِدُ جُوعَاً، وَيَطُوفُ مَعَ النَّاسِ كَأَحَدِهِمْ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ رُبَّمَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ يَوْمَاً وَكَانَ لَهُ قُوَّةً يُجَامِعُ بِهَا أَهْلَهُ وَيَصُومُ وَيَطُوفُ مِرَارَاً.
وكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَشْرَبُ مَاءَ زَمْزَمَ بِنِيَّةِ الاسْتِزَادَةِ من العِلْمِ والفَهْمِ والحِفْظِ، وقَد سُئِلَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: من أَينَ أُوتِيتَ العِلْمَ؟
فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» وإِنِّي لمَّا شَرِبْتُ سَأَلْتُ اللهَ عِلْمَاً نَافِعَاً.
وقَالَ الإمام الحاكم: شَرِبْتُ مَاءَ زَمْزَمَ، وسَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي حُسْنَ التَّصْنِيفِ.
وبناء على ذلك:
فَيَجُوزُ للإِنسَانِ عِنْدَ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ أَنْ يَدْعُوَ اللهَ تعالى بِدَعْوَةٍ صَالِحَةٍ لِنَفْسِهِ، والتي من جُمْلَتِهَا أَنْ يَرْزُقَهُ اللهُ تعالى ذُرِّيَّةً صَالِحَةً. هذا، واللهُ تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |