طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد كَانَ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ قد اشْتَدَّ بِهِ الغَضَبُ، فَجَذَبَ أَخَاهُ هَارُونَ عَلَيهِ السَّلامُ من لِحْيَتِهِ وشَعْرِ رَأْسِهِ، وقَالَ لَهُ: يَا هَارُونُ، مَا حَمَلَكَ حِينَ رَأَيْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ضَلُّوا عن الهُدَى فَعَبَدُوا العِجْلِ، مَا حَمَلَكَ على عَدَمِ اتِّباعِي إلى جَبَلِ الطُّورِ لِتَتَلَقَّى تَعْلِيمَاتِي؟
أو مَا حَمَلَكَ على عَدَمِ اتِّبَاعِي في تَشْدِيدِ النَّكِيرِ عَلَيهِم لِتَحُولَ بَيْنَهُم وبَيْنَ مَا فَعَلُوهُ؟
﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾ بِقَوْلِي لَكَ: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ فَكَيْفَ تَرَكْتَهُم حَتَّى وَصَلُوا إلى مَا وَصَلُوا إِلَيهِ؟
فقَالَ لَهُ هَارُونُ عَلَيهِ السَّلامُ: يَا أَخِي، ويَا ابْنَ أُمِّي، التي طَبَعَتْنَا على الحَنَانِ والشَّفَقَةِ ـ مَعَ أَنَّهُ هوَ أَخُ بِنْتَيْنِ ـ لا تَجْذِبْنِي بِعُنْفٍ من شَعْرِ رَأْسِي وشَعْرِ لِحْيَتِي، إِنِّي خِفْتُ أَنْ أُقَسِّمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيَنْقَسِمُوا إلى فَرِيقَيْنِ، فَرِيقٌ مَعِيَ، وفَرِيقٌ يَتَمَسَّكُ بِعِبَادَةِ العِجْلِ، فَتَقَعُ بَيْنَهُم حَرْبٌ، وأَكُونُ سَبَبَاً في تَمْزِيقِ وَحْدَتِهِم، وتَشْتِيتِ أَمْرِهِم، وتَفْرِيقِ كَلِمَتِهِم، فَكُنْتُ أُحَاوِلُ أَنْ أَرُدَّهُم إلى الصَّوَابِ بالنُّصْحِ والإِرْشَادِ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |