السؤال :
مَا هِيَ الحُدُودُ المَشْرُوعَةُ لِتَحْقِيقِ الرَّبْحِ في بَيْعِ سِلْعَةٍ (مَا)؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 705
 2007-12-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالأَصْلُ الذي تُقَدِّرُهُ القَوَاعِدُ الشَّرْعِيَّةُ تَرْكُ النَّاسِ أَحْرَارًا في بَيْعِهِمْ وَشِرَائِهِمْ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾.

فَلَيْسَ هُنَاكَ تَحْدِيدٌ لِنِسْبَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلرَّبْحِ يَتَقَيَّدُ بِهَا التُّجَّارُ في مُعَامَلَاتِهِمْ، بَلْ هُوَ مَتْرُوكٌ لِظُرُوفِ التِّجَارَةِ العَامَّةِ، وَظُرُوفِ التَّاجِرِ وَالسِّلَعِ، مَعَ مُرَاعَاةِ الآدَابِ الإِسْلَامِيَّةِ في التَّعَامُلِ، وَالَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَيَقُولُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: تَعْلَمُونَ أَنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ، وَأَنَّ الْيَأْسَ غِنًى.

وَرَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ:

حَسْبِي بِعِلْمِي إِنْ نَفَعْ   ***   مَـا الذُّلُّ إِلَّا في الطَّمَعْ

مَــنْ رَاقَـبَ اللهَ نَـزَعْ   ***   عَنْ سُوءِ مَا كَانَ صَنَعْ

لِذَلِكَ أَقُولُ لِلْإِخْوَةِ التُّجَّارِ:

تَعَامَلُوا مَعَ خَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ القَوَاعِدِ لِتَنَالُوا شَرَفَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.