طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَإِنَّ لَعْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم كَبِيرَةٌ من الكَبَائِرِ، وَلَعْنُ مَن رَضِيَ اللهُ عَنهُم تَعُودُ اللَّعْنَةُ على اللَّاعِنِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئَاً لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ» رواه أبو داود عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.
وَأَمَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَرَضَّ عَن بَعْضِهِم، فهذا لِحِرْمَانِهِ، وَلأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم لَيْسُوا بِحَاجَةٍ إلى أَنْ يَتَرَضَّى عَنْهُمُ البَشَرُ من بَعْدِهِم، لأَنَّ اللهَ تعالى رَضِيَ عَنهُم بِقَوْلِهِ: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدَاً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
وقَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾. لَقَد رَضِيَ اللهُ عَنهُم لِمَا عَلِمَ في قُلُوبِهِم من طَهَارَةٍ وَنَقَاءٍ، وَصَدَقَ فِيهِم قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمَاً﴾.
وَأَمَّا أَنَّهُ لا يُسَيِّدُهُم، فهذا دَلِيلٌ على عَدَمِ حُسْنِ أَدَبِهِ مَعَ سَلَفِ هذهِ الأُمَّةِ، وَمَن لا أَدَبَ عِنْدَهُ لا خَيْرَ فِيهِ، فَهُم سَادَةُ الدُّنْيَا بَعْدَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، رَضِيَ مَن رَضِيَ، وَسَخِطَ مَن سَخِطَ، لأَنَّ اللهَ تعالى اخْتَارَهُم لِصُحْبَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَهَلْ بَعْدَ اخْتِيَارِ اللهِ تعالى اخْتِيَارٌ؟
وبناء على ذلك:
فَعِنْدَمَا لَمْ يَلْعَنْ دَلِيلٌ على رَجَاحَةِ عَقْلِهِ، حَتَّى لا تَعُودَ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ، ولا يَتَرَضَّى عَنْهُم لِحِرْمَانِهِ من دَعْوَةِ المَلائِكَةِ لَهُ: وَلَكَ مِثْلُ ذلكَ، ولا يُسَيِّدُهُم لِعَدَمِ حُسْنِ أَدَبِهِ مَعَ سَلَفِ الأُمَّةِ، وَأَمْرُنَا وَأَمْرُهُ إلى اللهِ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |