طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَكَرَ اللهَ تعالى أَصْنَافَ العِبَادِ عِنْدَ احْتِضَارِهِمْ، فَقَالَ: ﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ﴾. هَذَا الصِّنْفُ الأَوَّلُ، وَهُمُ المُقَرَّبُونَ، أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ، وَهُمُ الذينَ أَتَوْا بِالوَاجِبَاتِ وَالفَرَائِضِ وَالمُسْتَحَبَّاتِ، وَتَرَكُوا المُحَرَّمَاتِ، وَتَنَزَّهُوا عَنِ المَكْرُوهَاتِ، وَتَقَرَّبُوا إلى اللهِ تعالى بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الفَرَائِضِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ قَالَ: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».
الصِّنْفُ الثَّانِي: قَالَ فِيهِمْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾. هَؤُلَاءِ هُمُ الذينَ أَتَوْا بِالفَرَائِضِ وَالوَاجِبَاتِ، وَتَرَكُوا المُحَرَّمَاتِ، لَكِنَّهُم قَصَّرُوا في المُسْتَحَبَّاتِ، وَوَقَعُوا في بَعْضِ المَكْرُوهَاتِ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَيْهَا.
الصِّنْفُ الثَّالِثُ: قَالَ تعالى فِيهِمْ: ﴿وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ المُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾. هَؤُلَاءِ الذينَ كَذَّبُوا القُرْآنَ العَظِيمَ، وَضَلُّوا عَنِ الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ، وَمَاتُوا على ذَلِكَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.
وبناء على ذلك:
فَالمُقَرَّبُونَ هُمُ الذينَ حَافَظُوا على الفَرَائِضِ وَالوَاجِبَاتِ، وَتَنَافَسُوا في القُرُبَاتِ وَالخَيْرَاتِ مَعَ المُتَنَافِسِينَ، وَانْطَبَقَ عَلَيْهِم قَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾.
أَمَّا أَصْحَابُ اليَمِينِ، فَهُمُ الذينَ حَافَظُوا على الفَرَائِضِ وَالوَاجِبَاتِ، وَتَرَكُوا المُحَرَّمَاتِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُنَافِسُوا المُقَرَّبِينَ بِالنَّوَافِلِ وَالقُرُبَاتِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |