طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: فَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا.
وَيَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَيْهَا.
وَيَقُولُ ابْنُ قُدَامَةَ: أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ عَلَى أَنَّ الحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لَا يَحِلُ لَهُمَا الصَّوْمُ، وَأَنَّهُمَا يُفْطِرَانِ رَمَضَانَ، وَيَقْضِيَانِ، وَأَنَّهُمَا إِذَا صَامَتَا لَمْ يُجْزِئْهُمَا الصَّوْمُ، وَقَدْ قَالَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَطْهُرُ، فَيَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصِّيَامِ، وَلَا يَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ. رواه الترمذي والنسائي.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ، فَذَلِكَ نُقْصَانُ دِينِهَا» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وبناء على ذلك:
فَالحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ سَوَاءٌ، لِأَنَّ دَمَ النِّفَاسِ هُوَ كَدَمِ الحَيْضِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُهُ، وَمَتَى وُجِدَ الحَيْضُ في جُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ فَسَدَ صَوْمُ ذَلِكَ اليَوْمِ، سَوَاءٌ وُجِدَ في أَوَّلِهِ أَو في آخِرِهِ، وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، وَلَا تَجْتَمِعُ الأُمَّةُ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَمُخَالَفَةُ الإِجْمَاعِ تَحْرُمُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرَاً﴾.
فَإِذَا حَاضَتِ المَرْأَةُ وَهِيَ صَائِمَةٌ في نَهَارِ رَمَضَانَ أَو غَيْرِهِ بَطَلَ صِيَامُهَا، وَلَو كَانَ ذَلِكَ قُبَيْلَ المَغْرِبِ بِلَحْظَةٍ، وَوَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ ذَلِكَ اليَوْمِ إِذَا كَانَ فَرْضَاً أَو وَاجِبَاً، بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ، وَإِذَا كَانَ نَفْلَاً لَا يَجِبُ القَضَاءُ عَلَيْهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ، وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ يَجِبُ القَضَاءُ، لِأَنَّ التَّطَوُّعَ مُلْزِمٌ بِالشُّرُوعِ عِنْدَهُمْ مُضِيَّاً وَقَضَاءً، وَلِأَنَّ المُؤَدَّى عِبَادَةٌ، وَإِبْطَالُ العِبَادَةِ حَرَامٌ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |