طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: لَو أَنَّكَ سَأَلْتَ قَبْلَ الطَّلَاقِ مَاذَا تَفْعَلُ لَكَانَ خَيْرَاً لَكَ، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. قَبْلَ أَنْ تَقُومَ بِأَيِّ عَمَلٍ سَلْ عَنْ حُكْمِ الشَّرْعِ فِيهِ أَوَّلَاً، وَرَحِمَ اللهُ تعالى ابْنَ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ عِنْدَمَا قَالَ: مِنْ عَلَامَاتِ النُّجْحِ في النِّهَايَاتِ، الرُّجُوعُ إلى اللهِ في البِدَايَاتِ.
ثانياً: يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَعْلَمَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرَاً﴾. لَقَدْ أَثْبَتَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِنَصِّ القُرْآنِ الكَرِيمِ أَنَّ البَيْتَ لَهَا، مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ لِمَنْ أَخَذْتَهَا بِكَلِمَةِ اللهِ، وَأَعْطَيْتَهَا المِيثَاقَ الغَلِيظَ عِنْدَ عَقْدِ الزَّوَاجِ.
رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَرْشَدَنَا في القُرْآنِ العَظِيمِ مِنْ أَجْلِ دَيْمُومَةِ المَوَدَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إلى أَنَّ البَيْتَ الذي تَسْكُنُهُ الزَّوْجَةُ مَعَ زَوْجِهَا الذي تَعُودُ مِلْكِيَّتُهُ لَهُ، هُوَ لَهَا، كَمَا قَالَ تعالى لِنِسَاءِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾. وَقَالَ: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ﴾. نَسَبَ البُيُوتَ لَهُنَّ، مَعَ أَنَّهَا مِلْكٌ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
ثالثاً: المَرْأَةُ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ إِلَّا في حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، في حَالَةِ الخِيَانَةِ الزَّوْجِيَّةِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهُ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرَاً﴾.
وبناء على ذلك:
فَأَنْتَ مُخْطِئٌ في حَقِّ زَوْجَتِكَ، وَرُبَّمَا أَنَّكَ أَنْكَرْتَ المَعْرُوفَ وَالفَضْلَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا، مَعَ أَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾.
وَكُنْتَ مُخْطِئَاً بِقَوْلِكَ لَهَا: هَلْ هَذَا بَيْتُ الذي خَلَّفَكِ؟ لِأَنَّهُ كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ الآيَاتِ الكَرِيمَةَ التي تُثْبِتُ بِأَنَّ البَيْتَ هُوَ للزَّوْجَةِ مَا دَامَتِ العَلَاقَةُ قَائِمَةً بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَاللهُ تعالى نَسَبَ البُيُوتَ للزَّوْجَاتِ لَا للأَزْوَاجِ، وَإِنْ كَانُوا هُمُ المَالِكِينَ حَقِيقَةً، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِتَكْرِيمِ الزَّوْجَةِ، إِلَّا في آيَةٍ وَاحِدَةٍ مَا نَسَبَ البَيْتَ لَهَا، بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلَاً﴾.
وَأَنْصَحُكَ بِالاعْتِذَارِ لِزَوْجَتِكَ، وَبِإِعَادَتِهَا إلى عِصْمَتِكَ، إذَا كَانَ هَذَا الطَّلَاقُ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ أَو ثَانِي مَرَّةٍ، وفي كُلِّ مَرَّةٍ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِلَّا فَحَرُمَتْ عَلَيْكَ زَوْجَتُكَ وَلَا تَحِلُّ لَكَ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجَاً غَيْرَكَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |