طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الاعْتِكَافُ سُنَّةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ، وَدَاوَمَ عَلَى الاعْتِكَافِ في كُلِّ رَمَضَانٍ تَقَرُّبَاً إلى اللهِ تعالى، وَطَلَبَاً لِثَوَابِهِ، وَاعْتَكَفَتْ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُ المُؤْمِنِينَ مَعَهُ، وَبَعْدَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا اعْتِكَافُ المَرْأَةِ مُبَاحٌ وَصَحِيحٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ بِالشُّرُوطِ التي لَا يَصِحُّ الاعْتِكَافُ إِلَّا بِهَا.
ثانياً: شُرُوطُ صِحَّةِ الاعْتِكَافِ خَمْسَةٌ:
1ـ الإِسْلَامُ. 2ـ العَقْلُ. 3ـ التَّمْيِيزُ. 4ـ النَّقَاءُ مِنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الحَائِضِ وَلَا النُّفَسَاءِ، لِأَنَّهُمَا مَمْنُوعَتَانِ عَنِ المَسْجِدِ، وَلَا يَصِحُّ الاعْتِكَافُ إِلَّا في المَسْجِدِ. 5ـ الطَّهَارَةُ مِنَ الحَدَثِ الأَكْبَرِ، لِأَنَّ الجُنُبَ لَا يَصِحُّ لَهُ أَن يَمْكُثَ في المَسْجِدِ.
ثالثاً: مَكَانُ اعْتِكَافِ المَرْأَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ هُوَ المَسْجِدُ، وَلَا يَصِحُّ في غَيْرِهِ، وَلَو كَانَ في مَسْجِدِ بَيْتِهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَسْجِدَاً لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمَاً، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ نَوْمُ الجُنُبِ فِيهِ، وَدُخُولُ الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إِلَيْهِ.
وَخَالَفَ في ذَلِكَ فُقَهَاءُ الحَنَفِيَّةِ وَقَالُوا: يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ في مَسْجِدِ بَيْتِهَا، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ في غَيْرِ مَوْضِعِ صَلَاتِهَا مِنْ بَيْتِهَا؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا في البَيْتِ مَكَانٌ مُتَّخَذٌ للصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ في بَيْتِهَا.
وبناء على ذلك:
فَالاعْتِكَافُ في حَقِّ المَرْأَةِ مُبَاحٌ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ في المَسْجِدِ الذي تُقَامُ فِيهِ الصَّلَوَاتُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ في بَيْتِهَا، كَمَا يُشْتَرَطُ في حَقِّهَا الطَّهَارَةُ مِنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، كَمَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ اعْتِكَافِهَا في المَسْجِدِ إِذْنُ زَوْجِهَا.
وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا في مَسْجِدِ بَيْتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَسْجِدٌ في بَيْتِهَا فَلَا يُسَنُّ لَهَا الاعْتِكَافُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |