طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ، عَنِ المَجْنُونِ المَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» رواه الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.
فَالإِنْسَانُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لَا يَكُونُ مُكَلَّفَاً إِلَّا بَعْدَ البُلُوغِ، وَالبُلُوغُ يَكُونُ بِالاحْتِلَامِ، أَو بِنَبَاتِ الشَّعْرِ حَوْلَ العَانَةِ، أَو بِبُلُوغِ الخَامِسَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ، أَو بِالحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ للنِّسَاءِ.
فَإِذَا حَصَلَ للبِنْتِ إِحْدَى عَلَامَاتِ البُلُوغِ وَجَبَ عَلَيْهَا الإِتْيَانُ بِجَمِيعِ الوَاجِبَاتِ، وَاجْتِنَابُ جَمِيعِ المُحَرَّمَاتِ، وَمِنَ الوَاجِبَاتِ التي عَلَيْهَا الحِجَابُ.
وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَى الوَالِدَيْنِ أَنْ يُعَوِّدُوا البِنْتَ عَلَى الالْتِزَامِ بِالحِجَابِ قَبْلَ البُلُوغِ، حَتَّى تَنْشَأَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَسَوْفَ يَشُقُّ عَلَيْهَا الالْتِزَامُ بَعْدَ البُلُوغِ، وَهَذَا مِنَ الأُصُولِ التَّرْبَوِيَّةِ المُقَرَّرَةِ في الـشَّرِيعَةِ، روى أبو داود عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ».
وبناء على ذلك:
فَيَجِبُ عَلَى الوَالِدِ وَالوَالِدَةِ كَذَلِكَ أَنْ يُلْزِمَا البِنْتَ بِالحِجَابِ إِذَا قَارَبَتْ سِنَّ البُلُوغِ، لِأَنَّهُ يُخْشَى أَنْ يَكُونَ عَدَمُ ارْتِدَائِهَا للحِجَابِ سَبَبَاً لفِتْنَةِ الشَّبَابِ فِيهَا، وَفِتْنَتِهَا بِهِمْ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ جَسَدُهَا مُلْفِتَاً للنَّظَرِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ وَمَنْعِ المَفْسَدَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |