طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾.
وَقَالَ تعالى: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾.
لَقَدْ أَثْبَتَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَنَا في نَصَّ القُرْآنِ أَنَّ الشَّيْطَانَ وَسْوَسَ لِسَيِّدِنَا آدَمَ وَأُمَّنَا حَوَّاءَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ هَذِهِ الوَسْوَسَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّ إِبْلِيسَ دَخَلَ الجَنَّةَ وَوَسْوَسَ لِسَيِّدِنَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَزَوْجِهِ.
وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ هَذِهِ الوَسْوَسَةِ.
وَهَذِهِ الوَسْوَسَةُ مِنَ الأُمُورِ الغَيْبِيَّةِ التي لَا يَجُوزُ للعَبْدِ أَنْ يَخُوضَ فِيهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَمَا يُذْكَرُ في كُتُبِ التَّفْسِيرِ بِأَنَّ إِبْلِيسَ عِنْدَمَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَزِلَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ دَخَلَ في جَوْفِ حَيَّةٍ، وَدَخَلَتِ الحَيَّةُ الجَنَّةَ، وَعِنْدَهَا خَرَجَ مِنْ جَوْفِهَا، فَهَذَا مِنَ الإِسْرَائِيلِيَّاتِ التي مَا صَحَّ فِيهَا شَيْءٌ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا مَجَالَ للخَوْضِ في هَذَا المَوْضُوعِ بِدُونِ دَلِيلٍ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لِأَنَّ هَذَا مِنَ الغَيْبِ الذي لَا يُمْكِنُ للإِنْسَانِ أَنْ يَخُوضَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ.
وَمَنْ وَقَفَ مَعَ ظَاهِرِ الآيَاتِ عَلِمَ أَنَّ الوَسْوَسَةَ كَانَتْ مُشَافَهَةً وَمُخَاطَبَةً مُبَاشَرَةً، قَالَ تعالى عَنْ هَذِهِ الوَسْوَسَةِ: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾.
وَقَالَ: ﴿قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾.
وَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يُدْخِلَ اللهُ تعالى إِبْلِيسَ الجَنَّةَ دُخُولَاً لِامْتِحَانِ سَيِّدِنَا آدَمَ وَزَوْجِهِ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لَا دُخُولَ تَكْرِيمٍ وَتَشْرِيفٍ كَمَا كَانَ لِسَيِّدِنَا آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ، وَجَهْلٌ لَا يَضُرُّ، وَالذي يَنْفَعُ أَنْ نَتَّخِذَ الشَّيْطَانَ عَدُوَّاً، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوَّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |