طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: يَجِبُ عَلَى هَذِهِ الفَتَاةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ وَاجِبَ بِرِّهَا نَحْوَ أُمِّهَا لَا يَسْقُطُ في أَيِّ حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفَاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
لِأَنَّ عِصْيَانَ الأُمِّ لِرَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا في البِرِّ، وَوَاجِبٌ عَلَى الأَوْلَادِ بِرُّهَا، وَمُصَاحَبَتُهَا بِالمَعْرُوفِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعَلَى الأَوْلَادِ أَنْ يَنْطَلِقُوا مِنْ مُنْطَلَقِ: لَا نَـعْصِي اللهَ تعالى فِيمَنْ عَصَى اللهَ فِينَا.
ثانياً: يَجِبُ عَلَى الفَتَاةِ وَإِخْوَتِهَا أَنْ يَسْتُرُوهَا بِالنُّصْحِ بِالرِّفْقِ وَاللِّينِ، مَعَ كَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَهَا بِالهُدَى وَالصَّلَاحِ وَالاسْتِقَامَةِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، لِأَنَّهَا أَوْلَى النَّاسِ بِالنُّصْحِ وَوُجُوبِ الرِّعَايَةِ وَالسَّتْرِ وَالدُّعَاءِ لَهَا، حَتَّى لَا يَشِيعَ الفُجُورُ في الأُمَّةِ.
ثالثاً: فَإِن أَصَرَّتْ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى، وَجَبَ عَلَى الفَتَاةِ وَإِخْوَتِهَا أَنْ يُعْلِمُوا أَبَاهُمْ عَنْ تِلْكَ العَلَاقَةِ المُحَرَّمَةِ لِمُعَالَجَةِ الأَمْرِ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، وَبِإِطْلَاعِ أَهْلِهَا عَلَى ذَلِكَ إِنْ أَصَرَّتْ، فَإِن أَصَرَّتْ وَجَبَ عَلَى الأَبِ أَنْ يُسَرِّحَهَا بِإِحْسَانٍ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَمَا تَفْعَلُهُ الأُمُّ مِنَ الخِيَانَةِ لِزَوْجِهَا مِنَ الفِسْقِ العَظِيمِ، لِأَنَّهَا تَعَدَّتْ عَلَى حَقِّ زَوْجِهَا في صَوْنِ عِرْضِهِ، وَتَعَدَّتْ عَلَى حَقِّ ذُرِّيَّتِهَا في جَلْبِ العَارِ لَهُمْ، وَفَرَّطَتْ بِدَايَةً في حَقِّ اللهِ وَتَجَاوَزَتْ حُدُودَهُ.
وَأَمَّا ذَاكَ الرَّجُلُ الذي جَعَلَ تِلْكَ العَلَاقَةَ مَعَ هَذِهِ المَرْأَةِ فَقَدْ خَانَ اللهَ تعالى وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَانَ حَقَّ الأُمَّةِ، وَخَانَ حَقَّ المُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ، وَهُوَ رَجُلٌ يَعِيثُ في الأَرْضِ فَسَادَاً، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَرِيءٌ مِنْهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدَاً عَلَى سَيِّدِهِ» رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَسْتُرَ أَعْرَاضَنَا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |