طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
روى الإمام مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ ﴿وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ﴾ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ.
وروى الإمام مسلم عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ؛ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي ـ بِمَعْنَى غَضِبْتُ وَتَغَيَّرْتُ ـ لَكِنِّي سَكَتُّ.
فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمَاً قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمَاً مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ».
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِالكَلَامِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالصَّلَاةُ تَبْطُلُ إِذَا تَكَلَّمَ المُصَلِّي رَدَّاً عَلَى سُؤَالٍ، وَلَو كَانَتِ الإِجَابَةُ بِحَرْفَيْنِ.
وَأَنَا أَتَسَاءَلُ مَعَ الذي سَأَلَ الرَّجُلَ وَهُوَ في صَلَاتِهِ وَالذي أَجَابَ، أَيْنَ تَعْظِيمُنَا لِهَذِهِ الفَرِيضَةِ، أَمَا عَلِمْنَا أَنَّا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |