طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾.
وَاتَّفَقَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ العُقْمَ لَيْسَ عَيْبَاً يَثْبُتُ بِهِ خِيَارُ طَلَبِ فَسْخِ عَقْدِ النِّكَاحِ إِذَا وَجَدَهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ في الآخَرِ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ خِلَافَاً، إِلَّا أَنَّ الْحَسَنَ قَال: إِذَا وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الآخَرَ عَقِيمَاً يُخَيَّرُ، وَأَحَبَّ أَحْمَدُ تَبْيِينَ أَمْرِهِ وَقَال: عَسَى امْرَأَتُهُ تُرِيدُ الوَلَدَ، وَهَذَا فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ؛ فَأَمَّا الْفَسْخُ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ وَلَوْ ثَبَتَ بِهِ لَثَبَتَ بِالآيِسَةِ.
وَلِأَنَّ العُقْمَ لَا يُعْلَمُ، فَإِنَّ رِجَالَاً لَا يُولَدُ لِأَحَدِهِمْ وَهُوَ شَابٌّ ثُمَّ يُولَدُ لَهُ وَهُوَ شَيْخٌ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ فِيهِ العُقْمُ أَنْ يُعْلِمَ الآخَرَ قَبْلَ العَقْدِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالعُقْمُ لَيْسَ عَيْبَاً يُطْلَبُ الطَّلَاقُ بِسَبَبِهِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يَعْلَمُ ابْتِدَاءً، لِأَنَّ أَمْرَ الإِنْجَابِ بِيَدِ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمَاً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾.
وَلَكِنْ مِنْ حَقِّ المَرْأَةِ أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ إِذَا شَاءَتْ، عَلَى أَنْ تَتَنَازَلَ عَنْ حُقُوقِهَا أَو شَيْءٍ مِنْهَا، وَتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |