طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في كِتَابِ الشِّفَا بِتَعْرِيفِ حُقُوقِ المُصْطَفَى (في هَامِشِهِ): وَكَانَ الشَّيْخُ أحْمَد بْنُ الرِّفَاعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى يُرْسِلُ كُلَّ عَامٍ مَعَ الحُجَّاجِ سَلَامَهُ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ الزِّيَارَةَ وَقَفَ أَمَامَ القَبْرِ الشَّرِيفِ وَقَالَ:
في حَالَةِ البُعْدِ رُوحِي كُنْتُ أُرْسِلُهَا *** تُـقَـبِّلُ الأَرْضَ عَنِّي وَهِيَ نَـائِبَتِي
وَهَـذِهِ دَوْلَـةُ الأَشْبَاحِ قَدْ حَضَرَتْ *** فَامْدُدْ يَمِينَكَ كَيْ تَحْظَى بِهَا شَفَتِي
فَقِيلَ: إِنَّ اليَدَ الشَّرِيفَةَ بَدَتْ لَهُ فَقَبَّلَهَا؛ فَهَنِيئَاً لَهُ ثُمَّ هَنِيئَاً.
وَجَاءَ في كِتَابِ مُنْتَهَى السُّؤْلِ عَلَى وَسَائِلِ الوُصُولِ إلى شَمَائِلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَقَدْ أَلَّفَ الإِمَامُ الحَافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى رِسَالَةً سَمَّاهَا «تَنْوِيرُ الحُلَكِ في رُؤْيَةِ النَّبِيِّ وَالمَلَكِ» قَالَ فِيهَا ـ مَا مُلَخَّصُهُ ـ: وَفِي بَعْضِ المَجَامِيعِ أَنَّ سَيِّدِي أَحْمَد الرِّفَاعِيَّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى لَمَّا وَقَفَ تُجَاهَ الحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ أَنْشَدَ:
في حَالَةِ البُعْدِ رُوحِي كُنْتُ أُرْسِلُهَا *** تُـقَـبِّلُ الأَرْضَ عَنِّي وَهِيَ نَـائِبَتِي
وَهَـذِهِ دَوْلَـةُ الأَشْبَاحِ قَدْ حَضَرَتْ *** فَامْدُدْ يَمِينَكَ كَيْ تَحْظَى بِهَا شَفَتِي
فَخَرَجَتِ اليَدُ الشَّرِيفَةُ مِنَ القَبْرِ فَقَبَّلَهَا.
وَجَاءَ في كِتَابِ نُزْهَةِ المَجَالِسِ: كَانَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ سَيِّدِي أَحْمَد الرِّفَاعِيُّ يَبْعَثُ السَّلَامَ مَعَ الحُجَّاجِ في كُلِّ عَامٍ إلى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَدَّرَ اللهُ لَهُ الحَجَّ وَقَفَ عِنْدَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ وَقَالَ:
في حَالَةِ البُعْدِ رُوحِي كُنْتُ أُرْسِلُهَا *** تُـقَـبِّلُ الأَرْضَ عَنِّي وَهِيَ نَـائِبَتِي
وَهَـذِهِ دَوْلَـةُ الأَشْبَاحِ قَدْ حَضَرَتْ *** فَامْدُدْ يَمِينَكَ كَيْ تَحْظَى بِهَا شَفَتِي
فَظَهَرَتْ لَهُ يَدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الحَادِثَةُ في كُتُبٍ عِدَّةٍ، وَلَا غَرَابَةَ في ذَلِكَ، لِأَنَّ الكَرَامَةَ ثَابِتَةٌ بِنَصِّ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
فإنَّ مَدَّ اليَدِ الشَّريفَةِ مِنَ القَبْرِ الشَّرِيفِ وَتَقْبِيلَهَا لَيْسَتْ مِنَ الأُمُورِ المُسْتَحِيلَةِ شَرْعَاً، بَلْ هِيَ جَائِزَةٌ وَمُمْكِنَةٌ شَرْعَاً.
وَأَمَّا تَصْدِيقُ أَو عدم تَصْدِيْقِ مَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلى سَيِّدِنَا أَحْمَد الرِّفَاعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى فَلَا يَـضُرُّ في دِينِ العَبْدِ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَرْعَاً تَصْدِيقُ الكَرَامَاتِ إِلَّا مَا وَرَدَ عَنْ طَرِيقِ الكِتَابِ أَو السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ فَلَا حَرَجَ مِنْ إِنْكَارِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |