طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد روى الإمام الحاكم وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ».
قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟
قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ».
قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ». أَيْ: يَكْثُرُ فِيهَا المَطَرُ، وَيَقِلُّ الرَّيْعُ، فَذَلِكَ خِدَاعُهَا، لِأَنَّهَا تُطْمِعُهُمْ في الخَصْبِ بِالمَطَرِ، ثمَّ تُخْلِفُ.
أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرُّوَيْبِضَةُ». فَقَد فَسَّرَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ». وَالرُّوَيْبِضَةُ تَصْغِيرُ الرَّابِضَةِ، وَهُوَ العَاجِزُ الذي رَبَضَ عَنْ مَعَالِي الأُمُورِ، وَقَعَدَ عَنْ طَلَبِهَا؛ وَالتَّافِهُ: هُوَ الخَسِيسُ الحَقِيرُ.
وبناء على ذلك:
فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الحَاكم وابن ماجه؛ وَقَالَ عَنْهُ الإِمَامُ الحَاكِمُ: صَحِيحُ الإِسْنَادِ.
وَهُوَ مِنْ عَلَامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ، حَيْثُ تَتَبَدَّلُ المَقَايِيسُ وَالمَوَازِينُ، سَنَوَاتٌ خَدَّاعَةٌ لَا خَيْرَ فِيهَا، وَالصَّادِقُ يَكُونُ مُكَذَّبَاً، وَالكَاذِبُ يَكُونُ مُصَدَّقَاً، وَيَتَكَلَّمُ في شَأْنِ الأُمَّةِ التَّافِهُ مِنَ النَّاسِ، الذي لَا وَزْنَ لَهُ في شَرْعِ اللهِ تعالى، بِحَيْثُ يُوَسَّدُ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |