الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: أخرج الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال:«لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ». وأخرج الإمام أحمد عن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يقول: «لَا يَأْتِ أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ وَهُوَ حَاقِنٌ».
ثانياً: ذَهَبَ الحنفية والحنابلة وفي قولٍ للشافعية إلى أنَّ صلاةَ الحاقنِ مكروهةٌ، وخالفَ المالكية وقالوا: إذا كانَ الحقنُ شديداً فهوَ ناقضٌ للوضوءِ، وبذلك تكونُ صلاتُهُ باطلةٌ.
ثالثاً: عندَ جمهورِ الفقهاءِ لا يجبُ على الحاقنِ إعادةُ الصَّلاةِ، فهيَ صحيحةٌ مع الكراهةِ، خلافاً للمالكية الذين قالوا بِبُطلانِها.
رابعاً: ذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّ الحاقنَ إذا وَجَدَ مُتَّسعاً من الوقتِ ينبغي عليه أن يُزيلَ العارضَ ثمَّ يشرعَ في الصَّلاةِ، أمَّا إذا خافَ فوتَ الوقتِ فيُصلِّي وهوَ حاقنٌ ولا يتركُ الوقتَ يضيعُ منهُ، وهذا عندَ جمهورِ الفقهاءِ خلافاً لبعضِ الشافعية الذين قالوا بِوُجوبِ إزالةِ الحاقنِ أولاً ثمَّ الوضوءِ، وإن خَرَجَ الوقتُ يقضيها.
وبناء على ذلك:
فصلاةُ الحاقنِ ـ الذي يُدافعُ الأخبثينِ ـ صحيحةٌ مع الكراهةِ عندَ جمهورِ الفقهاءِ، ولا يجبُ عليه إعادتُها، وباطلةٌ عندَ المالكية إذا كانَ الحقنُ شديداً. هذا، والله تعالى أعلم.